هل الصيام آمن لكبار السن؟
لا يخفى على أحدٍ ما للصيام من فوائد كبيرة للجسم، فالصيام يعدّ طريقةً طبيعيةً لتطهير الخلايا وتحفيز تجدّدها وإزالة السموم منها، ويساعد الامتناع عن تناول الطعام لساعاتٍ معيّنةٍ خلال اليوم وتقليل عدد الوجبات في خسارة الوزن وتحسين عمليات الاستقلاب (الحرق)، ويبطئ مظاهر التقدم في العمر، كما أنه يقلّل مخاطر الإصابة بالعديد من الأمراض. لكن ما تأثير الصيام على صحة كبار السن؟ فهل يشكّل الصيام تهديداً على حياتهم؟ وهل يجب على كبار السن التوقف عن الصيام عندما يبلغون سناً معينةً،وهل الصيام آمن لكبار السن؟
في الواقع، صيام كبار السن ليس آمناً فحسب، وإنّما ضروريّاً وشديد الأهمية. بل إنّ التقدّم في السن يزيد الحاجة إلى التركيز على الصيام، فهو يطيل العمر ويساعد على الحدّ من كثير من المشكلات الصحية.
فوائد الصيام لكبار السن
تتأكد الحاجة للصيام لدى كبار السن للعديد من الفوائد التي يتمتع بها، ومنها:
– يساهم في إطالة العمر
فقد توصّلت العديد من الأبحاث التي تم إجراؤها لدراسة الحيوانات والحشرات والبكتيريا إلى أنّ الحدّ من الأكل المتكرّر يساهم في العيش مدةً أطول.
– يبطئ مظاهر الشيخوخة
يعمل الصيام المطوّل والصيام المتقطع على تنشيط الجينات المضادة للشيخوخة.
– يحدّ من الأمراض المرتبطة بالتقدّم في العمر
قد يساعد الصيام في التخلّص من العديد من المشكلات الصحية التي تحدث بفعل التقدّم في السن. وتشمل بعض هذه المشكلات الصحية البدانة والالتهابات وارتفاع ضغط الدم وحتّى الخرف.
– يصلح التلف بفضل عملية الالتهام_الذاتي
إن أكثر ما ينتفع به كبار السن عند الصيام هو أنه يصلح التلف الحاصل في الحمض النووي والميتوكوندريا (المتقدرة) من خلال عملية الالتهام الذاتي.
والالتهام الذاتي هي عملية طبيعية تحدث على مستوى الخلية في الجسم عند اتباع الصيام. وهي مهمة جداً لتجديد الخلايا والأنسجة والوقاية من الأمراض، إذ يقوم الجسم بإعادة تدوير البروتينات والميكروبات التالفة والمتضررة.
والخلية المشبَعة بالكربوهيدرات والبروتين لا تقوم بعملية الالتهام الذاتي أو بحرق مخزون الدهون، أو حتى إصلاح الضرر، لذا فعند إطالة ساعات الصيام ينشط عمل بروتينات AMPK التي تحفز بدورها بدء عملية الالتهام الذاتي وإصلاح الضرر وحرق الدهون والعمليات المضادة للأكسدة، وتنشط جينات السرتوين SIRT1 وSIRT3 المسؤولة عن إطالة العمر،لذا فإن عملية الالتهام الذاتي تؤدي دوراً مهماً في مقاومة الشيخوخة، وتساعد في الحفاظ على بشرةٍ صحيةٍ وتحسين الأنسجة المتندّبة عند المفاصلٍ.
وقد تقلّل عملية الالتهام الذاتي أيضاً من خطر الإصابة بالسرطان، فالسرطان يحدث بفعل تضرر الميتوكوندريا (المتقدرة). وكلما كانت قدرة الجسم أكبر على التخلّص من الميتوكوندريا المتضررة، يقلّ خطر الإصابة بالسرطان. وهذا ما يحدث في عملية الالتهام الذاتي، فهي تتخلّص من الأنسجة المتضررة التي يستغني عنها الجسم.
– يعزّز صحة القلب
يتمتّع الصيام بأثرٍ مذهلٍ على صحة القلب، فهو يزيد من نسبة الكيتونات التي تفيد القلب والدماغ، ويمكن لخلايا القلب استخدام الدهون والكربوهيدرات والكيتونات والأحماض الأمينية لاحتياجاتها العالية من الطاقة، إلا أن القلب والدماغ يفضّلان وقود الكيتونات أكثر بكثير من وقود الغلوكوز لأنها تنتج عدداً أقل من أنواع الأكسجين التفاعلية الضارة (ROS).
وتلعب الكيتونات دوراً استقلابياً دقيقاً يحسّن أداء القلب، ويحمي القلب من الالتهابات والإصابات، وبهذا فإن الصيام يساعد على إصلاح نسيج القلب والدماغ، ويساعد على تحسين وظائف الدماغ والقدرة على التفكير والتعلّم، كما يعزّز الصيام عامل التغذية العصبية المستمدّ من الدماغ (BDNF) الذي ينطوي على أهميةٍ كبيرةٍ لنموّ الدماغ، ويعمل الصيام على تجديد الخلايا العصبية في بعض أجزاء الدماغ.
– الأكسدة
يبدأ الجسم عند الصيام بإنتاج كمياتٍ هائلةٍ من مضادات الأكسدة. التي يحتاجها الجسم للحدّ من ضرر الجذور الحرة على الحمض النووي، وللمساعدة في إصلاح بطانة الأوعية الدموية في القلب.
– يعزّز صحة الأمعاء
ينشّط الصيام وظائف خلايا الأمعاء الجذعية، ويضاعف قدرة خلايا الأمعاء الجذعية على النمو والتجدد في مراحل النمو العمرية المختلفة، وخاصةً في مرحلة الشيخوخة، فلدى التقدّم بالعمر تتعطّل مقدرة خلايا الأمعاء على النمو والتجدد، ما يؤدي إلى صعوبة الشفاء عند حدوث إصابات أو جروح أو عدوى، فتلك الحالات تتطلب نمواً وتجديداً في الخلايا حتى تعوّض الخلايا التالفة.
ونستنتج من كلّ ما تقدّم أنّه ما من سببٍ يدعو للأكل بشكلٍ متكررٍ وما من سببٍ يمنع من الصيام، وخصوصاً عند التقدّم في السن.